عن رسول الملك


عمر طاهر
عندما كنت غير متحمس للدكتور البرادعى فور ظهوره كانت مشكلتى الأساسية وقتها فى عدم منطقية ربط فكرة التغيير بشخص الدكتور البرادعى، أولا لأن كثيرين سبقوه وهبوا عمرهم للفكرة منذ زمن وقدموا فى مقابلها تضحيات حقيقية، واختزال المشهد فى الدكتور البرادعى ظلم لهم، وثانيا كنت أرى أن هذا الربط بين التغيير وشخص بعينه غير منطقى، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولتقييم دور الدكتور البرادعى بدقة لا بد أن نقول إن الدكتور البرادعى واحدة من الشرارات التى دفعت الناس لأن يغيروا ما بأنفسهم، يجب الاعتراف بهذا، كانت لدى مشكلة أخرى مع البرادعاوية إذا كانوا من أنصار الديمقراطية لكنهم لا يؤمنون بها حقا فى المناقشات، كان البرادعاوية وقتها من الأسباب التى شوّشت على تقييمى للرجل، ودخلنا -ومعظمهم أصدقاء- فى خلافات فكرية عالية الصوت، وسبحان الله، بمرور الوقت والأحداث تغيرت مواقعنا، فبعضهم فقد إيمانه بدور الرجل بينما صرت أنا واحدا من محبيه المؤمنين بضرورة أن يكون حاضرا فى المشهد الوطنى بأى صيغة… عودة إلى ذكرياتى مع البرادعاوية.
هذه الذكريات لفتت نظرى، أى كوننا شيئا واحدا بنسخ مختلفة، فأنصار البرادعى وقتها بكل ما كان فى قطاع كبير منهم من حماس وعصبية لم يكن يختلف كثيرا عن أداء الأصدقاء «حازمون» الآن، مع اختلاف الموضوع والشخص والفكرة، لكن الأداء واحد، لذلك لا فرق بين أداء مشجعى الكرة ومشجعى تامر حسنى ومشجعى البرادعى وقتها ومشجعى الشيخ حازم، لا يوجد ملائكة بيننا، ربما حالات استثنائية عاقلة وموضوعية، لكننا نتشابه جميعا فى الطريقة التى نعبّر بها عن إيماننا بفكرة أو شخص. أؤمن تماما أن كل واحد حر فى اختيار من يتعصب له، لكن كثيرين لا يؤمنون بذلك، فإذا كان الواحد معارضا للنظام طول الوقت ويعلن أنه غير متحمس للبرادعى فسرعان ما يتم وضعه فى خانة العملاء وشباب لجنة السياسات، متجاهلين تاريخ الشخصية وهم يصنفونها من جديد، وإذا كان الواحد مسلما موحدا بالله وكتب فى دينه وتاريخ دينه مقالات وأغنيات وكتب ثم اعترض على الشيخ حازم، فسرعان ما يتم تصنيفه كواحد من كارهى الإسلام وأعداء شرع الله. نحن نجيد هذه اللعبة بعضنا مع بعض، علينا أن نعترف بذلك، أتقبل انتماءك أيا كان، هذا حقك، لكن لنا وقفة عند الطريقة التى تترجم بها حماسك، نحتاج إلى هذه الوقفة بالفعل لأننا ندفع لها ثمنا غاليا ونضيع بها فرصا للتلاقى، الموضوع جزء منه له علاقة بما تؤمن به، لكن الجزء الأكبر له علاقة بكيف تؤمن به، الموضوعية قوة والصوت العالى ضعف، المؤمن القوى خير ممثّل لمن يؤمن به، أما المؤمن الضعيف فهو أسوأ دعاية للفكرة التى يعتنقها.
الأنصار هم رسل الفكرة، وكل كتب الحكمة توصيك بأن تحسن اختيار رسولك، ورسول الملك ملك، فإذا كان رسول الملك ديكتاتورا سليط اللسان فكيف أصدقه وهو يحدثنى عن كون الملك يؤمن بالحرية والكرامة؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مركز صيانة وستنجهاوس